1.مقدمة

بدون الماء لا يمكن أن توجد حياة والماء هو شريان الحياة على كوكب الأرض، حيث يغطى الماء فى حالته السائلة والصلبة أربعة أخماس كوكب الأرض. والماء كبقية السوائل يتمدد بالحرارة وينكمش بالبرودة، إلا أنه يشذ عن هذه القاعدة عند درجة الصفر إلى درجة ٤ مئوية. حيث يتميز الماء فى هذا المدى بخاصية تميزه عن غيره من السوائل إذ يتمدد بالبرودة والتجميد فتقل كثافته ويتحول إلى جليد يطفو على سطح مياه المحيطات والبحار متيحاً فرصة الحياة للكائنات البحرية أسفله. ولو أن الماء كغيره من السوائل ينكمش بالتجمد لرسب الجليد إلى الأعماق وماتت الكائنات البحرية وتراكمت البرودة واختلت الفصول. ويتواجد الماء كمادة فى صور ثلاث:

  • الغازية – بخار الماء
  • السائلة – الماء العادى
  • الصلبة – الجليد

ويتحول الماء من صورة إلى أخرى، فيتحول من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة بالتكثيف، ومن الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة بالتجميد، ومن الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة بالانصهار، ومن الحالة السائلة إلى الحالة الغازية بالتبخير، ويتكون الماء كيميائياً من عنصرى الهيدروجين، والأكسجين، بنسبة  2 الي 1 حجما ونسبة 1الي 8 وزناً. والماء هو أرخص منظف على الإطلاق .ولعهد قريب كانت التنقية الطبيعية كافية لتنقية الماء، إلا أن حضارة الإنسان تصب الكثير من الملوثات الصناعية فى المياه، علاوة على النوعية الخاصة المطلوبة للمياه اليوم، مما أدى إلى تعقيد عمليات تنقية المياه، ويزداد الأمر تعقيداً كلما ارتفع المستوى الحضارى وزاد الاحتياج من كميات المياه للاستخدام الآدمى والصناعى.

ومن هنا بدأت فكرة إنشاء محطات ومنشآت خاصة لمعالجة وتنقية المياه  وتخليصها من الملوثات الصناعية وغير الصناعية وإعادتها إلى مياه آمنة صالحة للاستخدام الآدمى. وتحتوي معظم المياه السطحية (وخاصة نهر النيل) على بعض الشوائب العالقة، بالإضافة إلى بعض أنواع البكتريا والطحالب. أما الأملاح الذائبة فتكون غالبًا مقبولة (حيث أن تركيزها دائما متزنا) كما أن هذه الأملاح في الوقت نفسه مرغوب فيها حيث أنها تدخل في بناء خلايا جسم الإنسان.

ونهر النيل وفروعه هو مصدر المياه السطحية في جمهورية مصر العربية، وتحتوي هذه المياه على نسبة مقبولة جدًا من الأملاح الذائبة تتراوح بين ٢٠٠ إلى ٤٠٠ ملجم/لتر (جزء في المليون) وهذه النسبة المثالية من الأملاح الذاائبة تدخل فى تركيب خلايا جسم الأنسان. والغرض الأساسي من أعمال التنقية للمياه السطحية العكره الطبيعية هو تحقيق الآتي:

١إزالة الكائنات الحية الدقيقة والقضاء عليها، خاصة البكتيريا الممرضة والفيروسات والجراثيم.

٢تحسين الصفات الطبيعية للمياه، وذلك بإزالة اللون والعكارة والرائحة وجعلها مستساغة الطعم عديمة الرائحة.

٣التخلص من الطحالب بطريقة مناسبة لا تؤدى إلى تدميرها تجنبًا لمشاكل اللون والطعم والرائحة.

٤إزالة المواد العالقة أو الطافية.

٥إزالة المواد العالقة صغيرة الحجم.

٦إزالة المواد الصلبة الذائبة العضوية والغير عضوية.

٧إزالة العناصر الجالبة لللون والمذاق والرائحة في المياه.

٨إزالة الدهون والشحوم والزيوت.

٩إزالة المواد العالقة مثل الرمل والطين.

١٠إزالة بعض المركبات الكيميائيه، والتي قد تتعارض مع بعض الإستخدامات الخاصة للمياه.

١١الحد من تلوث المياه.

١٢مواكبة وتطبيق التشريعات والقوانين السائدة ذات الصلة بتنقية مياه الشرب.

وهناك وسائل وطرق كثيرة للتنقية، تعتمد جميعها على نوع الشوائب المحمولة في المياه وكميتها (تعتمد هذه الشوائب بدورها على المصدر)، وعلى الاستعمال المتوقع للمياه المنقاة.

2.خطوات عمليات تنقية المياه السطحية

يُتبع في عمليات تنقية المياه السطحية في مصر (والتي يكون مصدرها غالبًا نهر النيل وفروعه الرئيسية والترع) خطوات شبة موحدة، تتلخص في النقاط التالية:

١أعمال تجميع المياه من المصادر لضخها إلى موقع وحدات التنقية، وتشمل: المأخذ، ومواسير المأخذ، وطلمبات ضخ المياه الخام (ذات الضغط المنخفض عادة) لتوصيل المياه من المأخذ إلى بداية محطة التنقية وهو حوض التوزيع.

٢يتم إضافة جرعة الكلور المبدئى ويلى ذلك إضافة المواد الكيميائية المجلطة.

٣أحواض الترويب والتنديف (المواد الكيميائية المجلطة) ثم الترسيب.

٤الترشيح بالمرشحات الرملية بطيئة المعدل أو سريعة المعدل.

٥التطهير (يشمل الكلورة الابتدائية والكلورة النهائية).

ثم يتم بعد ذلك تجميع المياه المنقاه فى خزانات تجميع أرضية، ثم ضخها للتوزيع بواسطة طلمبات ضخ المياه المنقاة(ذات الضغط العالى) إلى شبكات التوزيع والخزانات العالية.

  1. عمليات تنقية المياه بالترويب والتنديف

الترويب والتنديف من العمليات الهامة فى وحدات تنقية المياه ومعالجة الفضلات السائلة، والتى تستخدم للتخلص من المواد الغروية التى تأتى باللون والعكارة. وعادة تسبب العكارة إلى وجود كميات قليلة من الطين الغروى العالق وبعض المعادن والمواد العضوية أما اللون فيأتى من هايدروكسيد المعادن الغروية، وعادة ينسب إلى مركبات عضوية معقدة تسمى بالأحماض الفولفية .Fulvic acids وفى المحاليل المخففة نسبيا فإن بعض الحبيبات لا تتصرف كجسيمات منفصلة أو منفردة، غير أنها تصادم مع بعضها، وتتحد أثناء ترسبها وبذا تزيد سرعتها. وعملية التجلط تعتمد على فرصة إلتقاء الحبيبات، والدفق السطحى، وعمق الحوض، وميل السرعة فى النظام، ودرجة تركيز الجسيمات، ومقاس الحبيبات وخواص السائل (درجة حرارة، الرقم الهيدروجينى الأيونات العكرة) نوع وطبيعة وخواص المروبات، وزمن وسرعة الترويب.

ولزيادة فعالية عملية التجلط تضاف إلى الماء الخام كميات بسيطة من مواد كيميائية مروبة مثل كبريتات الألمونيوم وكلوريد الحديد. وبعدها يبدأ التجلط وتزداد كفاءة الترسيب، وعملية الترويب والتجلط فعالة لإزالة الحبيبات صغيرة الحجم والمواد المسببة للعكارة والبكتريا. وتنقسم المروبات  إلى عضوية وغير عضوية أو إلى طبيعية وصناعية .

أهمية الترويب والتنديف

الغرض من الترويب والتنديف هو تسهيل عملية إزالة الجسيمات والشوائب والعكارة من الماء المعالج، وخصوصا المواد الصلبة غير القابلة للترسيب Non-Settleable حيث تتم إزالتها من المياه عن طريق استخدام المواد الكيميائية المناسبة لذلك.

وفى عملية الترويب، يتم إضافة مواد كيميائية للمياه العكرة لتتفاعل معها مكونة ندف جيلاتينية Flocs هلامية القوام وذات شحنة كهربية موجبة لتجذب إليها جسيمات العكارة ذات الشحنة السالبة وتلتصق بها ثم تتجمع هذه الجزيئات معا لتشكل جزيئات أكبر حجما وأثقل وزنًا، وعندما تتجمع قطع الندف معا، فإنها تشكل ندفا أكبر وأثقل وتكون أسهل فى الترسيب.

الحاجة لاستخدام المواد المروبة

معظم الجسیمات غیر المرغوبة والمطلوب إزالتھا من المیاه سالبة الشحنة فبالتالى يجب أن تكون المروبات المستعملة فى معالجة المياه ذات شحنة موجبة، فالشحنات الموجبة تعادل الشحنات السالبة وتعجل الترويب، وتحتوى بعض المروبات على أيونات ذات شحنات موجبة أكثر من البعض الآخر فنجد أن تلك المشتملة على أيونات ثلاثية التكافؤ مثل الألومونيوم والحديد (Al+++ , Fe +++)  أشد فعالية بمقدار يتراوح من ٧٠٠-1000 مرة  (كمروبات)من الأيونات الأحادية التكافؤ مثل الصوديوم Na+)) وأشد فعالية بمقدار 50 -60مرة من الأيونات ثنائية التكافؤ مثل الكالسيوم  (Ca++).

المروبات

عادة يتم الإشارة إلى كيماويات الترويب إما بالمروبات الأولية أو مساعدات الترويب، حيث تساعد المروبات الأولية على تعادل الشحنات الكهربائية للجزيئات لتساعد في البدء فى تجمع الندف بطيئة الترسيب معا بحيث لا تنكسر الندف في العمليات التالية،. وفي ضوء هذا التعريف يمكن أن نسمى المروبات بمساعدات التنديف.

يعتمد اختيار المروبات ومساعدات التنديف لاستخدامها فى محطات معينة على الاعتبارات الاقتصادية بالإضافة إلى الكفاءة، والأمان، واعتبارات التخزين. وأفضل طريقة لتحديد أكثر المروبات فعالية هى إجراء الاختبارات والقياسات المعملية، وفى بعض الحالات يتم إجراء اختبار الكأس لتحديد كفاءة المعالجة وتقدير الجرعة الكيميائية، ويجب أن تغطى هذه الاختبارات التغيرات الموسمية.

ويجب مراعاة المرونة عند التصميم لإضافة المروبات بحيث تلائم التغير المستمر للظروف، ويجب توفير العديد من نقاط إضافة مواد الترويب وخاصة البوليمرات، ومن العوامل الهامة أيضاً هو ترتيب إضافة الكيماويات فى جميع الحالات المختلفة.

وعند اختيار المادة المروبة يجب أن يؤخذ فى الاعتبار كمية الروبة وطريقة التخلص منها فالمروبات ذات الأيونات المعدنية تنتج أحجام كبيرة من الروبة أكبر من تلك الناتجة عن البوليمرات، ومن الصعب توقع أو تخمين التفاعلات الفعلية أو كيمة الروبة التى ستنتج بواسطة الحسابات والمعادلات، لذا يجب الاعتماد على التجارب المعملية وعمل محطات تجريبية لإمكان تقدير كفاءة عملية التنقية والجرعة الكيميائية وكمية الروبة.

توجد عدة أنواع من المروبات التى يمكن استخدامها ومن أهمها ما يلى:

١. الشبة(كبريتات الألومنيوم).

٢. أيدروكسيد الكالسيوم (الجير).

٣. كبريتات الأمونيوم

٤. كلوريد الحديدوز.

٥. كبريتات الحديديك.

٦. كلوريد الحديديك.

٧. البوليمرات الكاتيونية.

مساعدات التنديف

تكون الندف التى تنتج عند استخدام الألمنيوم فى كثير من الحالات خفيفة وسهلة التكسير وصعبة الترسيب نوعاً ما، ولذلك يتم الاستعانة بالبوليمرات التى تساعد فى تكوين ندف يمكن إزالتها بسهولة بواسطة الترسيب والترشيح.

ومن الإضافات والمواد التى تستخدم كمساعدات للتنديف ما يلى:

  • البوليميرات الأنيونية وغير الأنيونية ذات الوزن الجزيئى الكبير.
  • السيليكا المنشطة Activated Silica
  • البنتونيت Bentonite

وتضاف هذه المواد الكيماوية عادة بعد مزج المروبات بزمن حوالى من ٥ إلى ٦٠٠ ثانية وإذا كانت المياه التى سيتم معالجتها بمساعدات التنديف موجودة فى مرحلة التنديف فعلاً، يجب إضافة هذه المواد الكيماوية بحيث تنتشر فى كل حوض التنديف.

مكونات عملية الترويب

١. أحواض الترويب

يمكن أن تكون أحواض الترويب مربعة أو مستطيلة أو دائرية، وعادة يتم إنشاؤها من الخرسانة المسلحة المعزولة بالداخل من الصوف الزجاجى والإيبوكسى، ويختلف حجم الأحواض وعددها حسب الطاقة التصميمية لمحطة التنقية.

٢. القلابات الميكانيكية الأفقية (ترويب بطىء).

٣. القلابات الميكانيكية الرأسية (ترويب سريع).

٤. صندوق تروس مخفض ومغير للسرعة.

التنديف (Flocculation)

التنديف هو عملية تقليب بطيئة تسبب تجمع الجزيئات الصغيرة المروبة معا لتكون جسيمات أكبر حجما قابلة للترسيب، وتوفر عملية التنديف التلامس بين الجسيمات لتعزيز تجمعها معا في ندف يسهل إزالتها بالترسيب والترشيح.

وبشكل عام، فإن التلامس والإلتصاق بين الجسيمات يحدث نتيجة للتقليب الخفيف الذي يتم بواسطة الأسلوب الميكانيكى أو الهيدروليكى فى الخلط.

تشكيل الندف

يتم التحكم فى تشكيل الندف بواسطة معدل حدوث الاصطدام بين الجسيمات وفعالية هذه الاصطدامات في تعزيز التلاحم بين الجسيمات، والغرض من التنديف هو خلق ندف ذات خواص جيدة في الحجم، الكثافة والمتانة ليسهل إزالتها فيما بعد في عمليات الترسيب والترشيح. ويتراوح أفضل حجم للندف بين 0.1 ملم إلى حوالي ٣ ملم، ويتوقف هذا الحجم على نوع عملية الإزالة المستخدمة (الترشيح التقليدي أو الترشيح المباشر).

كفاءة عملية التنديف

تعتمد كفاءة عملية التنديف على عدة عوامل أهمها:

  • اختيار الفترة الزمنية المناسبة للتقليب (مدة المكث). ·
  • قوة التقليب السليمة. ·
  • الشكل الصحيح لحوض الخلط الذى يحقق انتظام الخلط. ·
  • وسائل التقليب من المعدات الميكانيكية أو غيرها.
  • وينتج عن عدم كفاية الخلط إلى تلامس غير فعال للجسيمات مما يؤدي إلى
  • ضعف تشكيل الندف. أما الخلط الزائد عن الحد فيتسبب بتفكك الجسيمات
  • المتجمعة (الندف) بعد أن تكون قد تجمعت معا.

 

أحمد أحمد السروي

إستشاري معالجة المياه والدراسات البيئية

 

المراجع العلمية

  • احمد السروي ,العمليات الاساسية لتنقية مياه الشرب , دار الكتب العلمية , 2012.
  • احمد السيد خليل ,عملية تنقية الماء للاستخدام المنزلي , 2008.
  • البرنامج التدريبي لمشغلي محطات تنقية مياه الشرب المستوى (أ) دليل المتدرب ,الجزء الأول, مشروع دعم قطاع مياه الشرب والصرف الصحي , الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية , 2012.

 

التعليقات معطلة.