بقلم / أحمد أحمد السروي
إستشاري معالجة المياه والدراسات البيئية
1.مقدمة
تعتمد المعالجة البيولوجية لمياه الصرف الصحي على النشاط البيولوجي للكائنات الحية الدقيقة فى التخلص من الملوثات. وتستخدم هذه الطرق أساساً من أجل التخلص من المواد العضوية (الرغوية أو الذائبة) القابلة للتحلل بيولوجيا. وتتم هذه العملية من خلال تحويل هذه المواد إلى غازات تتسرب إلى الهواء الخارجي أو إلى نسيج الخلايا البيولوجية (الحمأة) التى يمكن التخلص منها عن طريق الترسيب.
وتستخدم المعالجة البيولوجية أيضا في التخلص من المغذيات (النتروجين والفسفور) وذلك من خلال عمليات التأزت Nitrification , وعكس التأزت Denitrification بالنسبة للنتروجين ,وتحويل الفسفور الي مركبات ثابتة يسهل الاستفادة منها في اغراض متعددة كالزراعة مثلا .
تعد عمليات المعالجة البيولوجية بانواعها وتطبيقاتها المختلفة من اكثر نظم المعالجة لمياه الصرف الصحي استخداما في مشاريع المعالجة نظرا لكفائتها في إزالة الملوثات من مياه الصرف, ولامكانيتها تحقيق اقصي كفاءة في ازالة الملوثات العضوية القابلة للتحلل البيولوجي وكفاءة عالية في إزالة المواد الصلبة العالقة , بالاضافة الي مرونة التشغيل وتوافقها مع المعايير البيئية . كما تتميز عمليات معالجة مياه الصرف البيولوجية بانواعها العديدة التي تستخدم طبقا لنوعية مياه الصرف فمنها نظم المعالجة الهوائية واللاهوائية واللاكسجينية ونظم معاالجة المواد النتروجينية والفسفورية .
- نظم المعالجة اللاهوائية لمياه الصرف الصحي
الهدف من نظم المعالجة اللاهوائية للمخلفات السائلة عموما هو تحليل وهضم المواد العضوية القابلة للتحلل بيولوجيا عن طريق البكتيريا اللاهوائية التي تنمو وتنشط وتتكاثر في غياب الأكسجين فتحول المواد العضوية القابلة للتحلل بيولوجيا الي مواد ابسط مثل غازات الميثان وثاني اكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين , وتعد عمليات تخمير وهضم الحمأة لاهوائيا من الطرق البيولوجية الهامة لمعالجة حمأة الصرف الصحي بغرض تثبيتها وهضمها هضما جيدا وتحليل المكونات العضوية بها الي غاز الميثان واستخدامه كمصدر للطاقة .
تتواجد وتتكاثر نوعيات الكائنات الحية الدقيقة فى مراحل وحدات المعالجة اللاهوائية على أساس العوامل التى تساعد فى تهيئة البيئة الملائمة لحياة هذه الكائنات. ومن هذه العوامل :
- خصائص المخلفات السائلة.
- تركيز المواد العضوية القابلة للتحلل بيولوجيًا.
- الأس الأيدروجينى
- درجة الحرارة
3.تثبيت الحمأة بالهضم اللاهوائي
إن تثبيت الحمأة يمكن أن يتحقق بالعديد من الآليات كالهضم الحيوي الهوائي أو اللاهوائي في درجات حرارة متوسطة أو مرتفعة، أو بالأكسدة الكيميائية مثل استخدام الجير وغيرها، ويتم اختيار الطريقة بحسب نوع الحمأة والإمكانيات المتاحة ونظام التخلص أو إعادة الاستخدام المطبق للمنتج المثبت .
وأكثر التطبيقات شيوعاً في محطات الصرف الصحي هو الهضم الحيوي اللاهوائي في درجات الحرارة المتوسطة حيث تخضع فيه النفايات الصلبة لمحطة الصرف الصحي المتولدة على هيئة حمأة إلى الاحتجاز في خزانات محكمة السدّ لمنع دخول الهواء ( الهاضمات اللاهوائية ) إليها ولفترات طويلة نسبياً (20-40يوماً) حيث وضحت الدراسات أن أعلى نسبة لهضم هذا النوع من المركبات العضوية يتحقق في حالة الهضم اللاهوائي وذلك مقارنة بالهضم الهوائي. إن وحدة الهضم الحيوي اللاهوائي تستطيع في ظروف التشغيل المثلى أن تحقق خفضا في مقادير المواد الصلبة القابلة للهضم الحيوي بحوالي 50%.
عملية التحلل اللاهوائي تحدث في الطبيعة بصورة عادية وذلك عندما تتواجد كميات كبيرة من المواد العضوية في غياب الأكسجين, حيث تنشط الكائنات اللاهوائية وتنمو متغذية علي المواد العضوية الموجودة .
تعد عملية تشغيل أحواض التحلل اللاهوائي للحمأة امرا صعبا لان البكتريا اللاهوائية التي تقوم بعملية التحلل للمواد العضوية لا تتواجد بصورة كافية في مياه المجاري الخام , بالإضافة الي ان معدل نموها بطيء جدا بالمقارنة بالبكتريا الهوائية , وعند بداية التشغيل للهاضمات يتم تغذية الهاضم بحمأة من وحدات معالجة قريبة تحتوي علي بكتريا لاهوائية نشطة .
وعملية تخمير الحمأة هي عملية معالجة لاهوائية اساسا, حيث تخزن الحمأة في أحواض خاصة مقفلة تسمي الهاضمات Digesters ويتم التخمير بمعزل عن الهواء وتنشط البكتريا اللاهوائية وتحلل المواد العضوية الي غازات ومركبات غازية ثابتة يمكن أستخدامها لتوليد الطاقة بصورة معينة.
ومكونات الغاز الحيوي الناتج عن مراحل الهضم اللاهوائي للحمأة تعتمد علي تركيب ومكونات المواد البادئة Substrate وعلي الظروف المحيطة بعملية تخمير الحمأة ,
4. العوامل البيئية والتشغيلية لعمليات الهضم اللاهوائي للحمأة
تعد عمليات الهضم اللاهوائي من العمليات الحساسة التي تتأثر بكثير من العوامل البيئية وغير البيئية والعوامل التشغيلية الهامة اهمها:
- درجة الحرارة Temperature
- الزمن Time
- قيمة الآس الهيدروجيني pH
- وجود نسبة كافية من المغذيات
- معدل حقن الحمأة وجودة المزج للحمأة الداخلة مع الحمأة الموجودة بالحوض
درجة الحرارة Temperature
الهاضمات التي لا يتم فيها التحكم في درجات الحرارة فان تخمير الحمأة قد يستغرق من ثلاثة الي ستة شهور لأتمام عملية التخمير , بينما يمكن اختزال هذه المدة الي شهر – شهر ونصف اذا امكن التحكم في درجات الحرارة اثناء التشغيل حيث يتم حفظ الحمأة في درجات حرارة من 35 الي 37 مئوية وهذا ما يسمي التخمير الميزوفيلي اي متوسط الشره للحرارة وتنشط فيه البكتريا المحبة للحرارة المتوسطة (الميزوفيلية Mesophilic bacteria ) .
وعموما يتم التحكم في معظم الهاضمات في درجة حرارة من 35 – 37 مئوية وذلك لخطورة وصعوبة التحكم في التخمير الثرموفيلي ( تحتاج لرقابة شديدة لمنع حدوث تسرب وانفجار لغاز الميثان) .ويبين المنحني التالي علاقة الزمن اللازم لاتمام هضم بنسبة 90 في المائة ودرجة الحرارة لكل من البكتيريا المحبة للحرارة المتوسطة (الميزوفيلية ) والبكتيريا المحبة للحرارة المرتفعة ( الثيرموفيلية ).
الزمن Time
ويعتمد الزمن علي درجة حرارة الحمأة في الحوض فهو ستة اشهر في الأحواض التي ليس بها تحكم لدرجة الحرارة , وينخفض الي 30 الي 60 يوما في التخمير المتوسط ( الميزوفيلي ) ويصل الي عشرة ايام في التخمير عالي الحرارة ( الثرموفيلي ), وظبط درجة الحرارة هدفها الآساسي توفير الحرارة اللازمة لنمو وتكاثر البكتريا اللاهوائية ( خاصة البكتيريا المكونة للميثان) داخل أحواض التخمير .
ويبين الشكل التالي اختلاف معدل النمو للبكتيريا المكونة للميثان باختلاف درجة الحرارة.
قيمة الآس الهيدروجيني pH
قيمة الآس الهيدروجيني وهي تعبير عن تركيز أيون الهيدروجين والذي يحدد قاعدية او حامضية الوسط المحيط بالبكتريا, واثبتت التجارب العملية الا انه لكي يحدث درجة عالية من التخمير داخل الأحواض فانه يفضل ظبط قيمة الآس الهيدروجيني ما بين 7.0 الي 8.0 , وتقل نشاط البكتريا المسئولة عن التخمير اذا قل الآس الهيدروجيني عن 6.0 ويتوقف التخمير تماما عند قيمة 4.0 , ويمكن ظبط الآس الهيدروجيني بإضافة الجير . ويبين الجدول التالي قيم الاس الهيدروجيني المثالية لنمو انواع مختلفة من بكتيرات مكونات الميثان.
- وجود نسبة كافية للمغذيات في مياه الصرف
بالنسبة للمعالجة اللاهوائية فالقاعدة المثلي لنسبة المغذيات المطلوب تواجدها في ماء الصرف لتحقيق نمو وتكاثر جيد للبكتريا اللاهوائية BOD/N/P هو :
* الأكسجين الحيوي المطلوب BOD 700
* النتروجين N 5
* الفسفور P 1
- معدل حقن الحمأة وجودة المزج للحمأة الداخلة مع الحمأة الموجودة بالحوض
يعد انتظام معدل تدفق الحمأة الي الحوض وكذلك جودة المزج بين الحمأة الموجودة والداخلة من العوامل الهامة , حيث يضمن ذلك الانتظام وجودة المزج , جودة توزيع المواد العضوية في جسم الحوض , وايضا جودة توزيع درجة الحرارة. والمزج الجيد يساعد علي تكسير الخبث الطافي علي سطح الحوض ومن ثم يترسب هذا الخبث في قاع الحوض( وجود الخبث بكثرة يمنع ويعوق تصاعد الغازات الناتجة من عملية التخمر).
المراجع
- أحمد السروي , عمليات المعالجة البيولوجية لمياه الصرف الصحي , دار الكتب العلمية , القاهرة, 2017.
- أحمد السروي , المراقبة والتحكم في عمليات معالجة وتشغيل محطات مياه الصرف الصحي البيولوجية, دار الكتب العلمية , القاهرة, 2017.