1.مقدمة

تحتل صناعة الألبان مكانة متميزة ضمن صناعات المواد الغذائية في العالم . غير أن هذه الصناعة تعد مصدرا هاما من مصادر تلوث المجارى المائية ، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الإنتاجية الكبيرة.

تتميز صناعة منتجات الألبان بتنوع منتجاتها وبالتالي بتعدد خطوط الإنتاج. وبينما تقتصر خطوط الإنتاج في بعض المنشآت على خط أو اثنين تضم بعض المنشآت الأخرى كافة خطوط الإنتاج بالإضافة إلى الوحدات الخدمية المختلفة التي تقوم بتوفير إمدادات المياه والطاقة للمنشأة ومتطلبات الصيانة والتخزين والتعبئة واختبارات وتحاليل الجودة.

ونظراً لأن المواد الخام تكون عرضه للتلوث الميكروبي فإن تصميم الآلات والمعدات يسمح بسهولة التنظيف والتعقيم ويحقق الشروط الصحية أثناء التشغيل . وتعتمد المنشآت القديمة على معدات مكشوفة والإنتاج على دفعات (متقطعة)،  بينما تعتمد المنشآت الحديثة على أنظمة الإنتاج المغلقة والإنتاج المستمر، ويتم إيقاف الإنتاج لأغراض التنظيف والتطهير مرة واحدة في اليوم على الأقل.

تحصل المنشآت على احتياجاتها من المياه من مصادر متنوعة: شبكات المياه العامة، الآبار والترع وتتوقف عمليات معالجة المياه على مصدرها والغرض من الاستخدام .

وتتعدد استخدامات المياه في المنشآت، فتستخدم في العمليات الصناعية أو لأغراض النظافة العامة وغسل المعدات أو لإمداد الغلايات بالمياه اللازمة لعمليات إنتاج البخار (تتم معالجة المياه الخاصة بالغلايات لمنع تكون التكلسات داخل الغلاية) أو لأغراض التبريد والأغراض المعيشية المختلفة.

 

2.الوحدات الخدمية ومصادر التلوث المرتبطة بها

تضم المنشآت المتوسطة والكبيرة بعض أو كل الوحدات الخدمية والمساعدة التالية. وهذه الوحدات يمكن أن تشكل مصدراً للتلوث، لذا ينبغي مراقبتها والتفتيش عليها. يوضح الشكل رقم (1) الوحدات المختلفة والمواد الخام ومصادر التلوث المرتبطة بها.

2-3-1 الغلايات

يستخدم البخار المتولد عن الغلايات في الأغراض التالية :

  • إمداد العمليات الإنتاجية بالحرارة.
  • توليد الطاقة الكهربية.

تقوم محطات الطاقة التقليدية بتوليد الكهرباء عبر مراحل متتالية من تحويل الطاقة. فيتم حرق الوقود لتحويل الماء داخل الغلايات إلى بخار تحت ضغط عال يستخدم في إدارة التوربينات لتوليد الكهرباء.

تحتوى العوادم الناتجة عن احتراق الوقود (سواء المازوت أو السولار) على جسيمات أولية (بما فيها المعادن الثقيلة إذا تواجدت بتركيزات مرتفعـة في الوقـود)، أكاسيد الكبريت و النتروجين وبعض المواد العضوية الطيارة.

يعتمد تركيز الملوثات في العادم على تصميم نظام الاحتراق (تصميم الفونية، ارتفاع المدخنة) وعلى إجراءات التشغيل ومكونات الوقود. إن استخدام الغاز الطبيعي في عملية الاحتراق لا ينتج عنه تلوثاً ملحوظاً سواء بالنسبة للجسيمات العالقة أو الانبعاثات الغازية.

يمثل تفوير الغلاية مصدرا رئيسيا لتلوث الصرف السائل والهدف منه هو إبقاء تركيز الأملاح الذائبة عند الحد الذي يمنع ترسيبها وبالتالي يمنع التكلس وتحتوي مياه التفوير على نسبة عالية من المواد الصلبة الذائبة .

قد ترتفع درجات الحرارة في بيئة العمل في حالة عدم وجود عزل حراري محكم لجسم الغلاية ومواسير البخار .

تستخدم كميات كبيرة من المياه لتبريد التوربينات بمحطات الكهرباء و تشكل مياه التبريد المستخدمة والبخار المكثف أهم مصادر تلوث الصرف السائل. وتعتمد كمية مياه الصرف على أسلوب التبريد المتبع إما في دائرة مغلقة أو في دائرة مفتوحة، كما تتغير تلك الكمية في حالة إعادة استخدام البخار المكثف. ويسبب تصريف زيوت التشحيم المستهلكة على شـبكة الصرف وكذلك تسرب الوقود في تلوث مياه الصرف .

2-3-2 وحدات معالجة المياه

تتنوع طرق معالجة المياه المستخدمة في الصناعة وفقاً لمعيارين: مصدر المياه (شبكة المياه العمومية ، الترع، الآبار) ومجال استخدامها .

أ- معالجة المياه متوسطة العسر: تعتمد عملية معالجـة الميـاه في الميسرات على وجود الراتنجات التي تقوم بعملية التبادل الكاتيوني حيث يتم إحلال أيونـات الصـوديوم محل أيونات الكالسـيوم والماغنسيوم. وعند استنفاد قدرة الراتنج الاستيعابية، يتم إخراجه من التشغيل وغسله غسلاً عكسـياً بمحلول كلوريد الصوديوم عند أس هيدروجيني (pH)  من 6 – 8، ويشطف للتخلص من أي زيـادة في الملح ثم يعاد مرة أخرى لوحدة معالجة المياه. وقد تصل درجة العسر بالمياه المعالجة إلى جزء واحد في المليون من كربونات الكالسيوم.

ب- معالجة المياه شديدة العسر بسبب ارتفاع نسبة أملاح البيكربونات بها : تتم معالجة مياه الترع و الآبار معالجة أولية قبل تيسيرها . فتعامل المياه أولاً بالجير الذي يعمل على ترسيب كربونات الكالسيوم وهيدروكسيد الماغنسيوم . وتصل درجة عسر المياه الناتجة إلى 35 جزء في المليون من الكالسيوم إذا ما أتيحت فرصة كافية للترسيب . ولتحفيز ترسيب هيدروكسيد الماغنسيوم  تضاف الشبة (كبريتات الألومونيوم) أو كبريتات الحديديك إلى المياه، ويضاف أحياناً هيبوكلوريت الكالسيوم .

وفي الطرق الحديثة لمعالجة عسر المياه تحل المواد العضوية متعددة الإلكتروليتات محل المواد غير العضوية المساعدة على الترسيب . وينتج عن هذه العملية ترسب للحمأة التي يتم التخلص منها في الأماكن المخصصة لذلك، بينما تمرر المياه على فلاتر رملية ثم على فلتر من الكربون المنشط للتخلص من المواد المتسببة في الروائح والطعم. ولإزالة أية آثار متبقية تستخدم مرشحات فائقة الدقة. ولزيادة سرعة الترسيب يجب استبقاء جزء من الحمأة داخل خزانات الترسيب حيث تعمل كأنوية تتجمع عليها الجزيئات، وكلما زاد حجم الأنوية زادت معدلات الترسيب، و لذلك لابد من إتاحـة زمن تلامس منـاسب بين الحمأة والمياه، ويتسبب هذا الأسلوب في ترسيب كامل وسريع للحمأة. بعد ذلك يستخدم نظام تبادل الأيونات الموجبة لتيسير المياه .

ج- التناضح العكسي: يتم التخلص من الأملاح المعدنية عن طريق ضغط المياه عبر أغشية نصف نفاذه لفصل وترسيب الأملاح والشوائب.

2-3-3 أبراج التبريد

تستهلك المصانع كميات كبيرة من المياه في عمليات التبريد . وأثناء تلك العمليات ترتفع درجة حرارة المياه، ولا يمكن استخدامها إلا بعد إعادة تبريدها في أبراج التبريد . لذلك فإن هذه الأبراج تعتبر وسيلة فعالة للحد من استهلاك المياه عن طريق تدويرها . وحيث أن عملية التبريد تعتمد على التبخر الجزئي للمياه الذي يؤدي إلى زيادة تركيز الأملاح الذائبة فإن التحكم في تركيز هذه الأملاح يتم عن طريق تفوير البرج . وتحتوي مياه التفوير على نسبة عالية من المواد الصلبة الذائبة . أما المياه التي تفقد أثناء دورة التبريد فيتم تعويضها بمياه تعويضية (make-up water) .

2-3-4 المبردات

تعمل المبردات على خفض درجة الحرارة إلى أقل من درجة حرارة الوسط المحيط و يصحب ذلك تحولا في حالة المادة المبردة (refrigerant) حيث تمتص الحرارة من الجو المحيط بها فتتبخر و تعمل المكابس على زيادة ضغط المادة المبردة فترتفع درجة الحرارة مما يساعد مياه التبريد على تكثيف الأبخرة . وفي المكثفات تعود المادة المبردة إلى حالتها السائلة مطلقة الحرارة التي امتصتها عند التبخر، ثم تبدأ دورة التبريد من جديد .

الملوثات الرئيسية في هذه العملية هي:

  • الضوضاء الناتجة عن تشغيل المكابس و التي تمثل مخالفة لمعايير بيئة العمل و البيئة المحيطة .
  • مياه التبريد المستهلكة و التي قد تكون ملوثة بزيوت التشحيم .
  • المواد الخطرة المستخدمة في عمليات التبريد (في حالة وجود تسرب) مثل الكلوروفلوروكربون (Freon) .
  • زيوت التشحيم المستهلكة و التي تستخدم في تشحيم المكابس .

2-3-5 أنظمة الغسيل في المكان  CIPClean-In-Place)

تتكون هذه الأنظمة من خزان وطلمبات حيث يحتوي الخزان على مياه نقية في حالة غسيل الخضر والفاكهة أو مياه مضاف إليها المنظفات أو الأحماض أو القلويات في حالة غسيل الأجهزة و المعدات.

وتعمل الطلمبـات على تدوير المياه بحيث يعـاد استخدامها عدة مرات قبل صرفهـا. ويتسبب ذلك في زيادة مفاجئة لحمل التلوث عند توقيت الصرف .

وتعتمد طبيعة التلوث على المادة أو المعدة التي يتم غسلها ومن أهم مؤشرات التلوث المواد الصلبة العالقة والمواد الذائبة والزيوت والشحوم والأس الهيدروجيني والأكسجين الحيوي الممتص BOD  والأكسجين المستهلك كيميائيا COD .

2-3-6 تصنيع العبوات الصفيح

تضم بعض مصانع المواد الغذائية عنابر خاصة لإنتاج علب الصفيح المستخدمة في التعبئة، وذلك من ألواح الصفيح التي يتم تقطيعها وتشكيلها آليا، حيث يتم طلاء الألواح أولا بمادة عازلة و تركها لتجف قبل التشكيل. وتمرر الألواح بعد ذلك إلى حيث يتم طباعة العلامات التجارية باستخدام الأحبار والأصباغ والمذيبات. بعد ذلك تجفف العلب الصفيح في الأفران وتعقم قبل تعبئتها.

تتمثل مصادر التلوث فيما يلى :-

  • الضوضاء الناشئة عن تشغيل الآلات.
  • المخلفات الصلبة الناشئة عن العلب التالفة والرايش (الخردة).
  • المياه التي تستخدم في غسل الأرضيات حيث تكون ملوثة بزيوت التشحيم والشحوم والأصباغ والمذيبات (وفي العادة يستخدم التنظيف الجاف).
  • الإنبعاثات الغازية (المواد العضوية الطيارة) في بيئة العمل .
  • الحرارة المنبعثة عن أفران التجفيف .

2-3-7 معامل تحاليل الجودة

يشغل المعمل وضعاً خاصاً في مصانع المنتجات الغذائية حيث يقوم بالمهام الآتية :-

  • فحص المواد الخام والكيماويات والمياه ومياه الصرف ومواد التعبئة و التغليف .
  • إجراء التحاليل الخاصة بالتحكم في الجودة و مقارنة النتائج بالمواصفات القياسية بالنسبة لكل من المواد الخام والمنتجات .
  • قياس الخصائص الفيزيائية والمكونات الكيميائية للمواد الخام والمنتجات، وكذلك العد البكتريولوجي .
  • تقوم المعامل الميكروبولوجية بفحص ومراقبة الألبان أو منتجاتها من حيث وجود كائنات دقيقة ضارة.

2-3-8 الورش و الجراج

تقوم الورش الكهربية والميكانيكية في المنشأة الصناعية بأعمال الصيانة وتتمثل المخالفات البيئية فيما يلي:

  • الضوضاء .
  • مياه الغسل الملوثة بزيوت التشحيم .
  • زيوت التشحيم المستهلكة.

تتوقف طبيعة التلوث في الجراج على نوعية الخدمة التي يقدمها.

  • إمداد السيارات بالوقود يعنى وجود خزانات وقود سواء فوق الأرض أو تحتها تستلزم فحص خطط الانسكاب والتسرب.
  • تغيير زيوت التشحيم يستلزم مراجعة كيفية التخلص من الزيوت المستهلكة من خلال التحقق من وجود عقد للبيع وحصر للكميات.

2-3-9 المخازن

تتوقف مواصفات المخازن على نوعية المواد المخزنة

  • يحفظ اللبن الخام فى خزانات مبردة (6-8 oم) .
  • يحفظ اللبن المبستر المستخدم فى تصنيع منتجات الألبان بالقرب من خطوط الإنتاج لاختصار الوقت .
  • يحفظ اللبن المبستر والمعقم بعد تعبئته بالثلاجات .
  • تحفظ الأجبان بالثلاجات .
  • تنص القوانين البيئية على نظام خاص لتداول وتخزين المواد الكيميائية الخطرة المستعملة بالمعامل.
  • يخزن الوقود المستخدم لتمويل السيارات وشاحنات النقل في خزانات وقود فوق الأرض أو تحتها. وعادة ما يستخدم المازوت أو السولار أو الغاز الطبيعي أو الجازولين. يتطلب حفظ الوقود خطط مناسبة لمنع الانسكاب والتسرب.

2-3-10 محطات معالجة الصرف السائل

على الرغم من أن محطات معالجة مياه الصرف الصناعي تعد من وسائل الحد من التلوث إلا أنه ينبغي التفتيش عليها ورصد احتمالات التلوث الصادر عنها. وقد ينشأ التلوث إما بسبب سوء التشغيل أو سوء الإدارة. وتكون مياه الصرف في مصانع الألبان ذات حمل عضوي مرتفع . و يحدث أحياناً ارتفاع مفاجئ للحمل العضوي إما بسبب ظروف التشغيل المتقطعة (على دفعات) أو لتغيرات موسمية في معدلات الإنتاج أو بسبب ظروف داخلية خاصة بالمنشأة أو لأسباب قهرية مثل انقطاع التيار الكهربائى بالمنشأة مع عدم وجود مولد كهربائى للطوارئ .

ومصادر التلوث المحتملة هي :

  • الحمأة الناتجة من المعالجة البيولوجية .
  • مياه الصرف المعالجة و قد تمثل مصدراً للتلوث إذا لم تتوافق مع المعايير التي حددتها اللوائح والقوانين البيئية ذات الصلة.

2-3-11 المطعم وأماكن الإعاشة

ينشأ عن استخدام المطعم وأماكن الإعاشة ، مخلفات صلبة ومياه صرف صحي.

 

 

 يبين الشكل التالي مخطط مبسط للتاثيرات البيئية لتصنيع الاجبان.

 

بقلم

أحمد أحمد السروي

إستشاري جودة المختبرات والدراسات البيئية

 

المراجع العلمية

  1. احمد السروي , طرق معالجة المخلفات الصناعية السائلة , دار الكتب العلمية , 2017.
  2. احمد السروي , معالجة مياه الصرف الصناعي , دار الكتب العلمية , 2007.

3.دليل الرصد الذاتي لصناعة الالبان , وزارة البيئة المصرية , 2003.

التعليقات معطلة.