عند الوصول إلي حالة الإتزان ، فإن جانب المحلول الأعلي في التركيز يحصل علي ارتفاع أكبر في منسوب المحلول من جانب المحلول الأقل في التركيز رغم تساوي ارتفاع المحلولين علي جانبي الغشاء في البداية.إن الإسموزية هي عملية طبيعية تلقائية ديناميكية وفيها تنتقل جزيئات الماء أو المذيب خلال غشاء شبه منفذ من الوسط الأقل إلي الوسط الأعلي في تركيز المواد الذائبة لتعادل تركيز المحلولين علي جانبي الغشاء . وهي عملية مهمة وتلعب دورا متكاملا في كثير من الأنظمة البيولوجية ، والأنسجة الحية من أجل الحفاظ على بيئة داخلية مثالية ، وكذلك إنتقال المياه إلي النبات من التربة عبر أغشية الجذر وهو مهم لعملية البناء الضوئي وغيره من العمليات الحيوية الهامة.

هذا الفرق في الإرتفاع الناتج بين المحلولين علي جانبي الغشاء شبه المنفذ عند الإتزان هو ما يسمي بالضغط الإسموزي ، وبمعني أخر هو الضغط الخارجي المطلوب لمنع تدفق المياه بين المحلولين المختلفين في التركيزعبر الغشاء شبة المنفذ.

والسؤال الواضح الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن يتحرك المذيب عبر غشاء شبه منفذ من منطقة ذات ضغط تناضحي أقل إلى ضغط تناضحي أعلى متغلبا على الضغط الهيدروستاتيكي.

على سبيل المثال ، في الشكل الموضح أدناه ، يتم فصل ذراعي أنبوب عن طريق غشاء شبه نفاذ حيث يحتوي الذراع الايمن على محلول ذو تركيز منخفض من المذاب مقارنة بتركيز محلول ذراع الجانب الأيسر.

في البداية ، يكون المستوى هو نفسه في ذراعي الأنبوب . عندما يبدأ التناضح ، فإنه يدفع المذيب من ذراعه اليمني إلى ذراعه اليسرى عبر الغشاء شبه النفاذ ، حتى يساوي الضغط التناضحي في الذراع الأيمن مع الضغط الهيدروستاتيكي الذي يمارسه الذراع الأيسر.

وعلى الرغم من أن التناضح هو ظاهرة مألوفة ، وله أهمية محورية في النظم الطبيعية ، إلا أنه نادراً ما يفسر كيف يمكن أن يعمل على المستوى الجزيئي. وفي حين أن هناك العديد من النظريات والتفسيرات التي حاولت تفسير الخاصية الاسموزية ، فإن كل منها استطاع تفسير جزء من ظواهر تلك العملية وأخفق في تفسير جزء أخر ولا يوجد حتي الأن رؤية شاملة لماذا تحدث الخاصية الأسموزية ؟ وفي هذا المقال سيتم استعراض ومناقشة ثلاثة من أهم تلك التفسيرات: 1- الإنتشار بسبب التدرج المفترض لتركيز المياه ، 2- جزيئات المياه المقيدة ، 3- عدد الجسيمات أو ضغط البخار لفانت هوف .

الإنتشار بسبب التدرج المفترض لتركيز المياه

هو تفسير بسيط جدا للتناضح ، حيث أن جزيئات المياه تنتقل وتنتشر عبر التدرج في تركيزها من المحلول النقي حيث يكون الماء هو أكثر تركيزاً من المحاليل التي تحتوي علي مواد مذابة لأن المذاب يجب أن يأخذ بعض المساحة في المحلول فتخفيف الماء عن طريق المذاب يؤدي إلى انخفاض تركيز الماء ، وبالتالي يحدث انتشار للماء على طول التدرج في تركيزها من المرتفع إلى المنخفض .

يبدو تفسير جيد ، أليس كذلك ؟ لكن هناك خطأ ما.

فمثلا لو افترضنا أن المحلولين علي جانبي الغشاء أحدهما من الماء النقي والأخر محلول من السكر ، فلماذا لا تتدفق المياه بشكل عشوائي عبر مسام الغشاء في أي من الاتجاهين ، مما يؤدي إلى عدم وجود ضغط تناضحي؟

نعم ، تركيز الماء أقل على الجانب الذي به محلول السكر ، ولكن ماذا يعني ذلك لأي مسام فردية؟ إذا لم يكن جزيء السكر بالقرب من المسام ، فإن تركيز الماء هو نفسه على جانبي المسام ، وإذا كان جزيء السكر قريبًا بما يكفي من المسام ليحجب جزءاً منها ويمنع جزيئات الماء من الهروب ، فإنه يجب أن يمنع تدفق المياه في كلا الاتجاهين ، دون تمييز ، فقد تضرب جزيئات الماء التي تحاول اختراق المسام من الجانب الأخر جزيء السكر ، لكن جزيئات الماء في نفس الجانب تدفع أيضًا جزيء السكر.

أيضاً إذا كان هذا صحيحًا ، فيجب أن يكون تركيز الماء قادراً على التنبؤ باتجاه التناضح عند استخدام المذيبات المختلفة. على سبيل المثال ، يحتوي محلول السكروز(0.2 مولالي أي على 0.2 مول من السكر في كيلوغرام من الماء) على تركيز مائي يبلغ 937 جم / لتر ، بينما يحتوي محلول كلوريد الصوديوم (0.2 مولالي) على تركيز ماء أعلى بكثير – 989 جم / لتر.  ولذلك يجب أن يحصل محلول السكروز على الماء من محلول كلوريد الصوديوم إذا تم فصل الاثنين عن طريق غشاء نصف نافذ .

لكن الحقيقة هي أن المحلول الملولاي للسكروز مع إحتواءه علي تركيز ماء أقل من نفس تركيز المحلول المولالي لكلوريد الصوديوم يزيح المزيد من الماء في إتجاه محلول كلوريد الصوديوم لذلك ، لا يبدو أن تدرج تركيز الماء مهم.
لذلك هذا التفسير لا يمكن الدفاع عنه.

تفسير المياه المقيدة

هذا يعني أن أي مادة قابلة للذوبان في الماء (مثل السكروز أو كلوريد الصوديوم) سوف يرتبط بجزيئات المياه ويكون الجزئات أو الأيونات المماه ويمنع جزيئات الماء تلك من التحرك بحرية . لذلك ، فإن جانب غشاء شبه المنفذ والذي به بماء نقي له تركيز ماء “حر” أعلى من الجانب الذي به جزيئات ذائبة .

أو بطريقة أخري فإن المياه تنتقل من المحاليل المائية ذات الجهد الكيميائي الأكبر إلي المحاليل ذلت الجهد الكيميائي الأقل عند فصلهم بغشاء شبه منفذ ،حيث أن المياه النقية ذات جهد كيميائي أكبر.

ولكن إذا تحرك الماء في اتجاه من الجهد الكيميائي الأعلي إلى الجهد الكيمائي الأقل على أساس تركيز المذاب فقط ، فمثلا  إذا  كنت تفصل محلولين من ملح كلوريد الصوديوم والسكروز لهما نفس التركيز المولي بغشاء شبه منفذ ، يجب أن ينتقل الماء من جانب كلوريد الصوديوم (المول 58.5 جرام) حيث يوجد المزيد من الماء لجانب السكروز(المول 342 جرام) ، حيث يوجد ماء أقل. لكن هذا لا يحدث ، حيث يمتص محلول كلوريد الصوديوم الماء أكثر .

والواقع الفعلي هو أن التناضح لا يعتمد على درجة إماهة ولا حجم جزيئات المذاب بقدر ما يعتمد علي عدد جزيئات المذاب .

عدد الجسيمات أو قانون فانت هوف .

يستند هذا التفسير على قانون فانت هوف. وفقا لهذا القانون لمحلول مخفف في درجة حرارة ثابتة ، فإن الجهد التناضحي يتناسب مع تركيز وعدد جزيئات المذاب. وليس حجم أو طبيعة الجزيئات المذابة فقط . لذلك ، على سبيل المثال ، سيكون لأيون الصوديوم الصغير نفس التأثير التناضحي مثل جزيء السكروز الكبير ، وكلاهما سيعادل جزيء نشا كبير جدا. هذا يعني أيضا أن المواد المؤينة مثل كلوريد الصوديوم يجب أن يكون لها تأثير تناضحي أكبر من المواد غير المؤينة مثل السكروز لأنه عندما تتأين ، فإنها تولد المزيد من الجسيمات . قانون فانت هوف يفسر إلى حد ما التناضح بشكل أفضل من التفسرين السابقين ، ولكن الحقيقة هي أن قانون فانت هوف هو علاقة تجريبية ، وليس وصفاً مادياً لماذا يحدث التناضح.

π = iMRT

حيث ، π هو الضغط التناضحي للمحاليل

i هو معامل فانت هوف.

M = التركيز المولي mol / L.

R = الثابت العام للغازات  L · atm / mol    0.08206= K

T = درجة الحرارة المطلقة في K= 273 + °C))

ولذلك فإن الضغط التناضحي يعتمد على 1- التركيز المولي للمادة المذابة 2- عامل فانت هوف ، وهو يعبر عن مدى ترابط أو تفكك المواد الذائبة في المحلول أو عدد الجسيمات التي يتفكك فيها المذاب في الماء ، فمثلا السكروز = 1 وكلوريد الصوديوم = 2 .

مثال : ما هو الضغط التناضحي لمحلول 1.00 مولار من السكروز عند 25 درجة مئوية؟

عندما ندخل في المعادلة ، لدينا:

(π = i (1.00 mol / L) (0.08206 L atm / mol K) (298 K)

ومع ذلك ، هناك  مجهولين: π وهو ما نريد ، و i معامل فانت هوف

وهو ثابت تجريبي بدون وحدة يرتبط بدرجة تفكك المذاب ، وهذا يعني أنه مجرد رقم مثل 1 أو 2 يجب أن نحدده بالتجربة . ويمكنك التنبؤ بما يمكن أن تكون عليه القيمة النظرية ، ولكن القيمة الحقيقية لا توجد إلا في التجربة ، وهو يمثل “درجة التفكك”. وبذلك يكون معامل فانت هوف للسكروز هو 1 ، لأن السكروز لا يتأين في المحلول وتبقى جزيئات كاملة. وبالتالي فإن الجواب هو (24.4atm).

مثال أخر : ما هو الضغط التناضحي (عند 25 درجة مئوية) لمياه البحرتحتوي على حوالي 35.0 جرام من كلوريد الصوديوم لكل لتر. (تحتوي مياه البحر على أملاح أخرى ، ولكننا سنقوم بتجاهلها.)

نحول جرام إلى مول:

35.0 جم / لتر ÷ 58.443 جم/ مول = 0.599 مول / لتر

الآن ، قم بتوصيل المعادلة:

π = (i) (0.599 مول / لتر) (0.08206 لتر atm / mol K) (298 K)

ولكن ما  قيمة معامل فانت هوف لمحلول كلوريد الصوديوم؟

عندما يتأين كلوريد الصوديوم في المحلول ، فإنه ينتج أيونات الصوديوم والكلوريد. حيث ينتج مول واحد من كلوريد الصوديوم مول من كل نوع من الأيونات. لذا فإن عامل فانت هوف نظريا يساوي 2 ، ومع ذلك ، سنستخدم 1.8

لذا ، فان الحل:

π = (1.8) (0.599 mol/L) (0.08206 L atm / mol K) (298 K)

π = 26.4 atm

لماذا استخدم 1.8 لمعامل فانت هوف بدلاً من 2 ؟

هذا له علاقة بمفهوم يسمى الإقتران الأيوني . حيث أن عدد معين من أيونات الصوديوم وأيونات الكلوريد يجتمعان عشوائياً معًا ويكوّنا أيون كلوريد الصوديوم المزدوج . هذا يقلل من العدد الإجمالي للجسيمات في المحلول ، وبذلك يقلل معامل فانت هوف.

بقلم م/ يحيي علي

 

المصادر :

التعليقات معطلة.