مما لايدع مجالاً للشك أن إحتياج الإنسان لعشرات اللترات من مياه الشرب يومياً لايمكن الإستغناء عنه بأي حال من الأحوال لا سيما الطعام والشراب بل والإحتياجات اليومية من النظافة والإستحمام وغسيل المتعلقات والتخلص من النفايات وغيرها .

ولقد عكفت البشرية طويلا في إيجاد حل بديل لهذا الإحتياج ونسوا قول ربنا سبحانه وتعالي  (وجعلنا من الماء كل شيئ حي أفلا يؤمنون ) ؛  إلا أنهم لا زالو يستخدمون الماء في تنظيف ادواتهم بعد كل تجربة ؛ بل وفي غسل أيديهم أكثرمن مرة في اليوم الواحد .

وقد تعجب لقدرة الخالق حين تعلم أن هذه المياه الشفافة الصافية الصالحة للشرب قد تخفي ورائها الكثير من الأسرار العلمية التي اكتشف العلماء منها القليل وأخفت بصفائها الكثير من الأسرار بغير عناوين ؛ فمعظم العامة يعرفون عن المياه عكارتها ، أملاحها ، توصيلها للتيار ….عفوا لا أقصد بهؤلاء العامة أنصاف المتعلمين أو الأميين…… إطلاقا ؛ بل المتخصصين في مختلف العلوم.

واكتب اليوم لكم سطور بسيطة في جزء صغير من علوم مياه الشرب وهو ما أشار إليه العنوان وقبل أن نبدأ هيا بنا سريعا نتعرف علي بعض الأجزاء البسيطة حتي نستكمل من غير تعقيد .

بشكل عام إذا رأي أحدنا كوباً من الماء حكم علي نقاوته من خلال شفافية الماء أو عكارته وقد يرفع كوب الماء اتجاه أشعة الشمس الساطعة وقال لك هذا الكوب غير نظيف من مجرد النظر حتي ولو كان لا يعلم أن العكارة إختبار يقاس به جودة مياه الشرب او حتي لا يعرف وحدتها ولكن خبرته في التعامل مع المياه يوميا قد تؤهله إلي الإدلاء برأيه بكامل الثقة في هذا المقام .

اما إذا كان الشخص علي قدر من العلم او قرأ عن مياه الشرب أو شاهد في الميديا فيلما تسجيليلا عن مياه الشرب تجده يحمل جهازا لا يتجاوز حجم القلم يقيس أملاح المياه ودرجة حموضتها ويعتبر ذلك استناداً إلي أدلة يحكم بها علي صلا حية هذه المياه للشرب من عدمها .

أما عنواننا اليوم لا يُري في الشمس الساطعة أو يقاس بجهاز قياس الأملاح أو خلافه من الأجهزة البسيطة بل هو موضوع غاية في التخصصية ويقاس بمحاذير كثيرة ولا يعرِف عنه سوي قلة قليلة من المتخصصين في تحاليل مياه الشرب الدقيقة .

تنتج المركبات العضوية الثانوية الخطرة من عملية التطهير بالكلور في وجود مواد عضوية في مصادر مياه الشرب ، وقد تكون هذه المواد العضوية الموجودة في مصادر مياه الشرب عبارة عن طحالب ؛ مخلفات حيوانية ؛ حيوانات ميته ؛ بقايا أشجار متحللة ؛ مواد عضوية تم إلقاؤها في المجري المائي من مبيدات أو زيوت  أو مشتقات بتروليه قد تُري بالعين المجردة أو لا.

هذه المواد العضوية عند وجودها في الماء وتلامس الكلور معها في عمليات التطهير الأوليه عند دخول الماء إلي مراحل المعالجة تنتج مايسمي بالمركبات العضوية الثانوية الخطرة.

علما بأنها لا تظهر أبداً في صورة تردي جودة الماء أو يمكن قياسها بأجهزة بسيطة كأجهزة قياس الأملاح والحموضة ولكن تمثل بُعداً ثالثاً للخطر .

وتتمثل خطورة هذه المواد الخطرة في أن تراكمها داخل جسم الإنسان يؤدي إلي أمراض كثيرة جداً قد حصر العلماء بعضها في الآتي :

زيادة الإصابة بسرطان المثانه ؛ سرطان المستقيم ؛ سرطان الدم ؛ سرطان المعده والقولون ؛ الإجهاض المتكرر ؛ قلة وزن حديثي الولادة ؛ وأيضا العيوب الخلقية , هذا بجانب أمراض كثيرة تشير اصابع الإتهام اليها من غير أدلة.

ما طبيعة هذه المركبات وتصنيفها وكيفية قياسها والمواصفات القياسية العالمية الخاصة بها  سوف نتعرف عليه في مقالات قادمة إن شاء الله ؛؛؛

 

                       رأفت مصطفي عبد العليم

                     كيميائي بشركة مياه الشرب

ماجستير كيمياء غير عضوية (مياه الشرب ) جامعة الأزهر 2016

التعليقات معطلة.