بقلم : كيميائية / رشا إسماعيل محمد

دبلومة كيمياء تحليلية

تمهيدي ماجستير كيمياء تحليلية

 

مقدمة:

ان مفهوم جودة المياه يعتمد فى الاساس على معايير القياس الكيميائية، الفيزيائية، البيولوجية والأشعاعية وذلك لتقييم نوعية الماء وتعيين تركيز جميع المكونات والأضافات التى تضاف إليها ، ثم مقارنة نتائج هذا التركيز مع الغرض المستخدم له هذه المياه.

والجدير بالذكر  أن الماء المقطر  يعتبر من أكثر أشكال الماء جودة ونقاوة إلا أنها ليست مناسبة لكل الأغراض الحيوية وتعتبر بيئة غير مناسبة لكثير من الكائنات الحية لذلك يتوقف قياس جودة الماء إعتمادًا على الغرض المُستخدم له فالماء الذى يستخدم في المنازل للشرب وإعداد الطعام يختلف عن الماء المُستخدم لتربية الأسماك عن الماء المستعمل لري المزروعات. في حين تتميّز مياه البحار والمحيطات بجودتها العالية بالنسبة للعديد من أنواع الاسماك، إلا أنّها غير مناسبة لبعض الكائنات الأخرى، كذلك الماء المستخدم فى الأغراض الصناعية.

العرض:

يتناول هذا المقال كيفية الوصول الى افضل معيار لقياس جودة المياه، فالماء يعتبر من أحد عناصر الحياة الرئيسية ولا يمكن أن تستمر الحياة بدون مياه. لذلك من الضرورى معرفة كيمياء وبيولوجيا المياه لإيجاد أفضل الطرق المناسبة للمعالجة والحد من تلوث المياه لجعلها مناسبة للأستخدام الشخصي أو الصناعي أو الزراعي.

معايير قياس جودة المياه

1-     المعايير الفيزيائية

  • درجة الحرارة : تؤثر درجة الحرارة بشكل مباشر على العمليات البيولوجية في الماء، حيث يؤدّي إرتفاع درجة الحرارة إلى إنخفاض تركيز الأكسجين المذاب في الماء وزيادة معدل عمليّات الأيض للكائنات الحية وتَسريع تكاثرها ، ويعتبر مِقياسا فى أنتاج الماء لبعض الأغراض الصناعية.
  • العكارة: تؤدي الأجسام العالقة التي لا تَذوب في الماء مثل الطحالب وذرات الرمال والبكتيريا إلى تُعكر لون الماء، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل إمكانية دخول أشعة الشمس إلى التجمعات المائية وبالتالي تقليل عملية التمثيل الضوئي وتقليل تركيز الأكسجين مع زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الماء، مما يؤثر سلباً على الكائنات الحية، ويتمّ قياس تَعكّر الماء بوحدات NTU ويعتبر مقياس مهم لتقييم جوده الماء، كذلك من الخصائص الطبيعية لمياه الشرب أن يكون صافياً فالحد الأقصى للعكارة في الماء المعالج 5 وحدات.
  • لون وطعم ورائحة الماء: من المعروف أنّ الماء النقي عديم الطعم واللون والرائحة وبالتالي فإنّ وجود أيّ صفة من هذه الصفات يعني تلوّث الماء فاللون يجب أن يكون مقبولاً لا يتجاوز 50 وحدة بمقياس الكوبالت البلاتيني  والطعم أن يكون مقبولاً مستساغاً والرائحة معدومة.

2-     المعايير الكيميائية

عادةً تعتبرالمعايير الكيميائية مقياس للعناصر الكيميائية فى الماء ومنها الأملاح الذائبة فبطريقة طبيعيّة تنتج هذة الاملاح عن ذوبان الصخور أو الأملاح الموجودة في التربة، أو بطريقة غير طبيعية بفعل الإنسان من خلال إستعمال الأسمدة الكيميائية أو خلط الماء الصالح للشرب بمياه الصرف، على سبيل المثال تؤدّي زيادة نسبة النَيترات والفُوسفات في الماء إلى تكاثر الكائنات الحية النباتية بسرعة  وعلى وجه الخصوص الطحالب، مما يقلل التمثيل الضوئي للنباتات وتركيز الأُكسجين فتموت معظم الكائنات التي تعيش في الماء، كما أنّ زيادة النَيترات في ماء الشرب يؤدّي إلى إتصالها مع مادة الهيموجلوبين الموجودة في كرات الدم الحمراء وإعاقة نقل الأكسجين في الجسم.

نتناول هنا فى هذا المقال بعض المعايير الكيميائية منها مثل:

  • الأكسجين: تحتاج الكائنات التي تعيش في الماء إلى نسبة معيّنة من الأكسجين حيث يصل التركيز الأدنى للحياة في الماء إلى 4ملغم/لتر ولا تستطيع الكائنات العيش بتركيز أقلّ من هذا ، ومن الخصائص الطبيعية لماء الشرب مثلا أن يكون تركيز الأكسجين المذاب عند درجة 25 ْم 5-8 ملغم/ لتر بينما يكون تركيز ثاني أكسيد الكربون المذاب عند درجة 25 ْم 2-3 ملغم/ لتر .
  • درجة الحموضة: ويقصد به نسبة درجة حامضية أو قاعدية الماء، حيث يقاس pH في مجال 0ـ 14، وعندما تكون نسبة pH=7  فهو متعادل، أمّا إذا كانت أقلّ من 7 فهو حامضي، أما أكثر من 7 فهو قاعدي.
  • عسر الماء: يقصد بعسر الماء تركيز أيونات الكالسيوم والماغنسيوم مجتمعة في الماء، فكلّما زاد تركيز هذه الأيونات زاد عسر الماء (مانع التصبن)، بخلاف الكالسيوم والماغنسيوم توجد ايضا املاح اخرى مثل الكبريتات، الكربونات والصوديوم وغيرها. وبالتالي يعتبر زيادة الأملاح عائقا فى جودة الماء المستخدم صناعياً، فمن الخصائص الطبيعية لماء الشرب ألا يزيد تركيز الأملاح الذائبة الكلية في الماء عن500 جزء فى المليون.
  • المعادن الثقيلة: قد تتواجد بعض من المعادن الثقيلة بنسبة قليلة جدا فى الماء وهذة المعادن تؤثرعلى صحّة الإنسان سواء كانت معادن طبيعيّة ناتجة عن ذوبان الصخور أو معادن صناعية ناتجة عن الماء العادم فمن المعادن الثقيلة الرصاص، الزئبق، الزرنيخ، الكادميوم، النترات والحديد فمثلا لا يجوز أن تزيد نسبة الرصاص عن 10 ميكروغرامات لكل لتر ويستخدم فى الكشف عن وجود هذة المعادن الثقيلة جهاز الامتصاص الذرى.
  • الفحوص الكيميائية العضوية: هي إختبارات طارئة لا يتم إجراؤها إلا في حالة الشك بإختلاط الماء ببعض المُلوثات كالمُبيدات الحشرية، المواد النِفطية والمُخلفات الصناعية.

3-     المعايير البيولوجية:

يقوم مبدأ المِعيار البيولوجي على قياس نسبة الكائنات الحية وخصوصاً اللافقاريات التي تعتبر أكثر الكائنات حساسية ضد التلوث التي تعيش وتتكاثر داخل الوسط المائي حيث يجب أن يتراوح المُعامل البيولوجى بين 0 و10، وكلّما زادت القيمة من ستة إلى عشرة كان ذلك مِعياراً مرتفع على جودة الماء.

  • قياس متطلب الاكسجين الحيوى على مدار خمسة أيام ((BOD5 : هو معيار يكثر إستخدامه غالباً في قياس تلوّث الماء ويقيس المتطَلب البيولوجي للأكسجين خلال مدّة زمنية لا تتجاوز الخمسة أيام حيث يُحسب كمية الأكسجين المطلوبة لتنفس البكتيريا للقيام بتحلل المواد العضوية الموجودة في الماء؛ ويكون ذلك تحت تأثير درجة حرارة º20 م وتٌقاس وحدتها في الظلام بـ مجم / لتر.
  • فحوص جرثومية: تهدف الفحوص الجرثومية إلى التأكّد من خُلو الماء من بعض الأنواع البكتيرية المسببة للأمراض كالبكتيريا الشريكية القولونية، والبكتيريا القولونية البرازية.

4-     المعايير الإشعاعية :

يقصد بها المواد المشعة، والتي تؤدي إلى تلوث الماء إشعاعياً ، وقد يكون مصدر هذه المواد المشعة ذوبان الصخور أو رمي مُخلفات المواد المشعة الناتجة عن المَصانع أو المُستشفيات أو المُختبرات في الماء، ويعتبر هذا الأمر خطيراً جداً لتأثيره على مبنى المادة الوراثية للإنسان  DNA وتسبب له حدوث طفرات فيها أو الإصابة بمرض السرطان مثل: عنصرى الرادون والراديوم.

من خلال هذة المعايير وقياسها بدقة داخل مختبرات علمية وتحت ايدى متخصصون يمكن الوصول لأفضل جودة للماء وذلك بمتابعة عملية فحص انتاج ومعالجة المياه بشكل دورى بِجمع عينات الفحص و بأخذها مباشرة من مصادرها سواء من محطات التنقية السطحية او من  الآبار الجوفية او من أماكن التخزين المسموح بها ، مع مراعاة إتباع إرشادات الأخصائيين في هذا المجال، وفي حالة إجراء الفحوص لأغراض قانونية، فيقوم المُختبر بجمع العينات، لضمان المِصداقية وعدم التلاعب، وكذلك الأمر بالنسبة للفحوص المتخصصة الدقيقة، كاختبارات الرادون وكبريتيد الهيدروجين, وقد يستخدم فحص العينات لأثبات كفائة وحدات المعالجة للماء المستخدمة فى الأغراض الصناعية والحيوية بشكل عام .

الخلاصة:

بناءًا على ما سبق نجد أن الفحص والتحليل الدورى للماء سواء المستخدم فى الأغراض الشخصية الحياتية (الشرب –الطعام –الأستحمام) أو الأغراض الزراعية أو الأغراض الصناعية (صناعة الأغذية –الأدوية –وغيرها) لها اهميتها قبل المعالجة لتحديد طرق المعالجة اللازمة وبذلك نصل لأفضل معيار لقياس جودة الماء على حسب أستخدامها.

لذلك بإذن الله فى المقالات القادمة سوف نتطرق إلى بعض جوانب أساليب التحليل للماء وطرق المعالجة لها.

 

المراجع:

 

 

 

التعليقات معطلة.